الفوطة، الحايك والغليلة.. التراث العاصمي بين الأصالة، الإبداع والاستمرارية

وكما هو معروف فان العاصمة غنية بالفنون التقليدية الشعبية وفي جميع الميادين، سواء كانت في الألبسة أو الموسيقى أو بقية الصناعات الحرفية التي تعكس هي الأخرى ثقافة مجتمعنا الجزائري، لكونها ترتبط ارتباطا شديدا بأصالة منطقة معينة تدعى البهجة المحروسة، حيث تعبر في الوقت ذاته عن حضارة و تراث البلد و عمقه التاريخي، و يمنح لكل جيل جديد صورة واضحة عن أصالة وعراقة هذا الوطن، ومن بين هذه التقاليد القيمة والعريقة التي نكتشف من خلالها في كل مرة شيئا لم نكن نعرفه من قبل، حيث يظهر لنا من جهة أخرى أن اللباس يمثل في كل المجتمعات المرآة العاكسة للحالة الاقتصادية والثقافية للمجتمع، ويبين من خلالها أيضا مدى غنى العائلة ووضعيتها الاجتماعية، إضافة إلى انه يعرض ما تنتجه أنامل الفتيات الجزائريات من خياطة وطرز لتحضير حاجياتها التي تتعلق بيوم عرسها، وتخصص لذلك أفخم الملابس وأغلاها ثمنا للأعراس والحفلات العائلية والمناسبات الدينية، ومن ثم تحافظ المرأة عليها مدى حياتها حتى أنها تنقله إلى بناتها وحفيداتها، كما يمكن القول أيضا أن المرأة الجزائرية تأثرت بلباس المرأة التركية لتظهر بنفس مظهرها وأناقتها فلبست القفطان والصدرية، والسروال العريض، والبسترة "الفولمة" والوشاح وسترة الرأس "البنيقة" التي تنجز بأقمشة غالية ونادرة، تطرز بزخارف مختلفة وتزين في بعض الحالات بقطع ونجوم .

وعندما نتحدث عن الطرز فالمرأة تستعمله كوسيلة لجعل لباسها ومنزلها أكثر أناقة وجمالا، وقد كان الطرز عملا وتسلية لها باعتبارها عملية صعبة ودقيقة تتعلمها الفتاة منذ صغرها على يدي نساء ماهرات، كما يتميز الطرز الجزائري بطابعه الخاص حيث يمزج بين اكبر أشكال النباتات والأزهار الصغيرة القريبة من الطبيعة، وتعايش المطرزات مع الإنسان في كل مراحل حياته بدءا من الغطاء وقطعة تقسيد المولود الجديد، إلى قفاز الحنة إلى لباس العروس وغطاء رأسها وأشياء أخرى، ولتكتمل زينة المرأة العاصمية تضيف عليها الحلي الذي تعجب به وتحب اقتناءه ولبسه لتبدو أكثر جمالا وجاذبية غنية كانت أم فقيرة، حضرية أم ريفية، ولا تكتفي بقدر معين، فهناك إكسسوارات لتزيين الشعر والجبين، الأذن والصدر واليدين، وكل هذا نجده بأشكال وأنواع مختلفة.
فهيمة.ل